الرئيسية مقالات الخطاب الديني بين التجديد والتراث

الخطاب الديني بين التجديد والتراث

moda 1978
الخطاب الديني بين التجديد والتراث
واتساب ماسنجر تلجرام
كتب مصطفي الحلواني
“رصــــد الـــوطـــن”

عندما كنت طالبا في كليه الشريعه والقانون وهي الكليه الاعرق لتدريس اصول الفقه تعلمنا
إن فهم شريعة الإسلام يستوجب فهم نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية فهما صحيحا، وتدبرها وإعمال العقل فيها من خلال جهد منظم يكشف عن معانيها عندما تكون هذه النصوص محكمة ثابتة، ومن خلال الاجتهاد في الفروع وتطبيق الأصول على ما استجد من المسائل.
لقد تمثل التجديد خير تمثل في قدرة الفقه على الاستجابة للتحديات التي فرضها الواقع في المجتمع المسلم، عندما وظف أهل الاجتهاد كل طاقاتهم في البيئة التي أنشأتها عقيدتهم وفي ظل الثوابت التي أرستها شريعتهم.
لكن بعد عهود – من الجمود والتقليد – برزت – بين صفوف المسلمين –اتجاهات مختلفة للتجديد، لكل منها مفهوم خاص، يمكن إجمالها في ثلاثة اتجاهات:
1 – اتجاه اتخذ التجديد عنوانًا للتحلل من الإسلام بدعوته الصريحة إلى تجاوز الثوابت، وهذا ما يعرف بالتغريب.
2 – اتجاه اتخذ التجديد شعارًا لاجتهاد سائب متحلل من كل الضوابط ومتجاوز لكل الثوابت باستخدامه لطرق التأويل المخلة واصطدامه بالنصوص الصريحة. وهو وِإن اختلف عن سالفه – بعدم استبعاده للإسلام كليًة – فإنه جعل للشرع دورًا ثانويًا مقابل الواقع وحاجاته، حتى أضحت أحكام القرآن والسنة قابلًة للتأويل والتعطيل بذريعة استلهام روح الشريعة ومقاصدها.
3 – اتجاه ينطلق من أسس الإسلام وثوابته متبعًا طرق التأويل الصحيحة، وغير معطل للأحكام في محاولته بناء فقه جديد يجيب عن تحديات العصر ومشكلاته التي لا عهد للسابقين بها. والتجديد – بهذا المفهوم – إنما يبدأ بالتأصيل أي العودة إلى الأصول الإسلامية.
فتجديد الخطاب الديني ليس لوناً من ألوان الترف أو الميوعة بل هو ضرورة شرعية حثنا عليها شرعنا الحنيف حتي يظل الدين الإسلامي الخاتم رسالة صالحة إلي قيام الساعة وقد تم تجديد الخطاب وتطويره بواسطة النبي صلي الله عليه وسلم نفسه نلحظ هذا من فترة الدعوة في مكة والمدينة النبي هو هو الدعوة هي هي لكن لاختلاف الظروف والمناخ الدعوي تغير الخطاب فدعوة النبي في مكة كان أساسها التوحيد تعليم الناس لا إله إلا الله حتي يعلم الناس أن الله هو المستحق وحده للعبادة أما دعوته في المدينة كان أساسها التشريع لأ الإسلام أصبح له دولة تحتاج إلي التأسيس علي مبادئ الحق والعدل والتكافل ولذلك نلحظ أن السنة الثانية للهجرة شهدت العديد والعديد من التشريعات كما اننا نلحظ أن خطاب القرآن نفسه في مكة كان يا أيها الناس وفي المدينة أصبح يا أيها الذين آمنوا كل هذه ملامح وإشارات أن تجديد الخطاب دعوة من الدين نفسه وتجديد الخطاب الديني بابه الرئيس هو الاجتهاد في الموقف المعروف لسيدنا عمرو بن العاص حيث كان قائداً للجيش واصابته جنابة وحضر وقت صلاة الفجر وكان الجو شديد البرودة وخشي سيدنا عمرو علي نفسه من البرودة لو اغتسل أن يصيبه مكروه فتمرغ في التراب “أي تيمم” وصلي بالجيش فلما عادوا ذكروا ذلك لسيدنا رسول الله فابتسم رسول الله من فعله لأن الدين قد جاء ليحفظ حياة الناس وأموالهم وأعراضهم وقد أخبرنا النبي أن هذا التجديد أمر إلهي وسنة ربانية فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:”إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها” رواه أبو داود “رقم 4291” وصححه السخاوي في “المقاصد الحسنة” “149” لكن من الخطير جداً ونحن نتحدث في هذه المرحلة عن تجديد الخطاب الديني ظهور تلك الدعوات التي تريد أن تثور علي التراث الديني المتمثل في مؤلفات العلماء السابقين لأنه وبكل بساطة هناك فرق بين الخطاب الذي نتحدث به بين الناس وبين التراث الذي تم تآليفه لنصل إلي حقائق ونتائج وبقدر من الإنصاف هل تم نسف التراث العلمي للنظريات العلمية والرياضية والطبية التي تم التيقن من أنها غير صحيحة بالطبع وبالواقع الإجابة ستكون لا لأن المنهج العلمي يقتضي أن نبقي علي تطور البحث وأن النظرية الفلانية مرت بأ:ثر من مرحلة حتي وصلنا للنتيجة النهائية والتراث الديني قد يكون فيه ما هو غير مناسب لواقعنا الذي نعيشه ويحتاج منا إلي بحث واجتهاد لكنه كان وقتها مناسباً بل مناسباً جدا والعلوم إنما تحفظ بتاريخها الخطاب الديني إذا تم تجديده علي حساب هدم التراث الديني فسيكون خطاباً مبتوراً لا أصل له.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *