الرئيسية أخبار حتى أنت يا “بروتوس”

حتى أنت يا “بروتوس”

moda 1878
حتى أنت يا “بروتوس”
واتساب ماسنجر تلجرام

بقلم / أحمد القاضي

“عندما أصابت الرصاصة قلبي لم أمُت.. لكنني مِت لما رأيت مُطلقها.” جبران خليل جبران

إنها الطعنة التي تم تصنيفها من أبشع الطعنات وأقبح عملية إغتيال في التاريخ، إنَّها لحظة إغتيال القيصر يوليوس..
كانت لحظة عصيبة وصعبة حين خانه كل من وثق بهم يومًا واجتمعوا واتفقوا جميعًا أن يقتلوه.. ذلك الاجتماع حين انهال الكل عليه بالطعنات.. ظل قيصر واقفًا ولم يسقط رغم كل تلك الطعنات في جسده حتى رأى صديق عُمره “بروتوس” مشى يوليوس قيصر نحو صديقه وهو مُلطخٌ بدمائه، نازفاً من كل حدب وفي عينيه إلتمعت نظرة رجاءٍ وارتياح واعتقد أن صديق عُمره ها هنا لينقذه، وضع يده على كتفه ينتظر منه العون فقام “بروتوس” هو الآخر بطعنه..
لم يكن قيصر يتصور او يجول في خاطره يوماً أن تكون يد “بروتس” سابقة بالطعنة، كيف وقد كان صديقا
هنا قال قيصر جملته الشهيرة : حتى أنت يا بروتوس.. إذًا فليمت قيصر وسقط قيصر ميتًا..
كانت طعنة بروتوس هي الطعنه القاتلة، بخلاف كل الطعنات الأخرى.. لم يطعنه في جسده و إنما في شخصه، طعنه في إرادته، في آماله. هنا فقط سقط قيصر راضيًا بالسقوط معلنًا إنهزامه.
فقد لا يؤلمنا السقوط ولا حتى بعد المسافة وشدة الإرتطام، ولكن الألم كل الألم أننا كنا نثق باليد التي دفعتنا.

ولأن الأنسان تُشكله روح وجسد فهناك طعنات ثلاث…
• طعنة تصيب الجسد وتسلم منها الروح : كطعنة الجندى المدافع عن الأرض والعرض فى ميادين القتال من قِبل عدوه. وقد تكون هذة الطعنة تحديداً طعنة وإن أهلكت الجسد وأفنته إنما وهبت القوة والخلود والسمو والعزة للروح بإن كُتب لها الشهادة. وتلك تعد أبسط واقل الطعنات ألماً.
• طعنة تصيب الروح ويسلم منها الجسد. كطعنة المحبوب لمن يحبه بالهجر أو بما هو أشد وهي الخيانة. وهذه طعنة تُعد متوسطة الألم ومن الممكن محو على آثارها لاحقا.
• طعنة تصيب الروح والجسد معاً ولا يسلم منها لا الروح ولا الجسد. وهذة تحدث تحديداً عندما يُقتل الرجل بيد من يحب وبيد من ظن أنه من المخلصين له. كطعنة بروتس ليوليوس قيصر التي ذكرناها آنفا. وكطعنة زوجة لزوجها الذى بذل الجهد الوفير لأسعادها لأنها عشقت رجلاً أخر قدمه لها الشيطان.
المغزى هنا من القصة أن الطعنة التي تأتي من العدو أرحم من تلك التي تأتي من العزيز.
ان أخبث النيران في الحروب العسكرية لهي تلك النيران الصديقة، حينما يكون صدرك مفتوحاً لمواجهة العدو بينما ظهرك يبقى مركوناً على الصديق، ولكن خطأً كان أم مقصوداً تكون نهاية مأسوف عليها بنيران لم تكن متأهباً لها يتحملها من كان يبدوا صديقاً يوما ما.

وما ضرني غريب يجهلني.. وإنما أوجعني قريب يعرفني، فالقريب يعرفنا نثق فيه نعطيه أسرارنـــا.. نفتح له قلبنا.. نبوح بكل ما في داخلنــا نجعله رقيباً على تصرفاتنــا نثق فيه دون خوف فقد أصبح أحد أهم الأشياء التي لا يمكن الإستغناء عنها ولكن مرة واحدة دونما سابق إنذار قد يتحول الصديق إلى عدوٍ لدود جارح.. يطعننا بخيانته لنــا.. ويبدأ يُشكــل أحد أكبر هُمومنــا فتموت الثقة ويحتلنا الصمت.
قصص الغدر والخيانة للاسف كثيرة ولا يخلو منها اي زمان ومكان فلا تسألونا عن الخيانة أعتقد أنه ليس هناك كلمات قادرة على وصفها،
الخيانة حذر الإسلام منها، فهي خصلة ذميمة، تُسبب إنعدام الثقة بين أفراد المجتمع المسلم، وهي خصلة قبيحة لا ترضاها النفوس السليمة، ولكن ترتضيها النفوس الضعيفة والمريضة، والخيانة كلمة تجمع كل معاني السوء الممكن أن تلحق بإنسان، فهي نقض لكل ميثاق أو عقد بين إنسان وخالقه، أو إنسان وإنسان، أو بين الفرد والجماعة. قال الله تعالى:{إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ}
وقانا الله وإياكم شر الطعنات وجمعنا سوياً بطيبي النفوس.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *