الرئيسية اخبار عاجلة رؤية موضوعية للإعلام والحرية المسئولة … تأملات فى أخلاقيات الإعلام المعاصر .

رؤية موضوعية للإعلام والحرية المسئولة … تأملات فى أخلاقيات الإعلام المعاصر .

moda 2434
رؤية موضوعية للإعلام والحرية المسئولة … تأملات فى أخلاقيات الإعلام المعاصر .
واتساب ماسنجر تلجرام

بقلم / ميادة عبدالعال

“رصـــد الـــوطــن”

 

نتحدث اليوم عن أخلاقيات الإعلام المهنية بين النظرية والتطبيق 

المتابع اليوم للممارسة الإعلامية في معظم دول العالم يلاحظ أزمة ثقة وانعدام المصداقية فيما تقدمه وسائل الإعلام إلى الجمهور، فالمؤسسات الإعلامية تعاني اليوم في مختلف دول العالم شماله وجنوبه غربه وشرقه من انحرافات وتجاوزات عديدة فيما تقدمه للجمهور من رسائل ومنتجات إعلامية. من جهة أخرى يتعرض الصحفي لضغوط مختلفة خلال تأدية مهمته من قبل جهات عديدة ومختلفة شغلها الشاغل هو ابتزاز واستغلال المؤسسة الإعلامية لمصالح ضيقة على حساب إعلام موضوعي، ملتزم، مسؤول ونزيه وهادف. والنتيجة في نهاية المطاف لهذا الوضع غير السوي هو التشويه والتضليل والإثارة والانحياز في طرح القضايا المهمة في المجتمع وحرمان الرأي العام من الحقيقة والمعلومة السليمة التي يعتمد عليها لتشكيل مواقفه وآرائه وقراراته.

كانت العلاقة بين الإعلام والأخلاق ملتبسة عبر العقود القليلة الماضية، ولطالما كان مفهوم الأخلاقيات الإعلامية يدرس لطلبة الإعلام والحقوق في الجامعات ويوضع على شكل لوائح في المؤسسات الإعلامية ليأخذ به العاملون فيها، لكن تلك البنود النظرية لم تكن تأخذ حقها من التطبيق والتنفيذ إلا في حالات قليلة، تلتزم بها عدد من المؤسسات المرموقة، والإعلاميين المهنيين.
ولعل المعنيين بوسائل الإعلام وحتى الجمهور، تابعوا في الأشهر الأخيرة عددا كبيرا من «السقطات»الإعلامية التي وقعت بها وسائل إعلامية، و«الهزات» الأخلاقية السلبية التي تعرضت لها تلك الوسائل، والملاحقات القضائية التي نتجت عن ذلك، وذلك الجدل المحموم الحادث بين الإعلاميين والقانونيين والتربويين حول حدود الأخلاقيات الإعلامية وضوابطها وأسسها والخطوط الحمراء لها.

ومن أسباب ذلك الابتعاد عن الالتزام بالأخلاقيات الإعلامية أو التفسير الخاص لها مرده أمور عدة، منها السياسة التي تنتهجها المؤسسة الإعلامية، والرؤى التي تنطلق منها، ومدى شعور الإعلامي بضرورة تلك الأخلاقيات من عدمها، والتنافس المحموم بين المؤسسات الإعلامية على الحصول على قصب السبق لأي «خبطة» إعلامية بغض النظر عن الوسائل والأساليب، والبريق الذي يحصل عليه الإعلامي عندما يحقق سبقا على أقرانه، دون النظر في الكيفية التي حصل بها عليه.
وتعرف الأخلاق بأنها شكل من أشكال الوعي الإنساني يقوم على ضبط وتنظيم سلوك الإنسان في كل مجالات الحياة الاجتماعية، من دون استثناء في المنزل مع الأسرة وفي التعامل مع الناس، في العمل وفي السياسة، في العلم وفي الأمكنة العامة.

أما مفهوم الأخلاقيات فيعني: وثيقة تحدد المعايير الأخلاقية والسلوكية المهنية المطلوب أن يتبعها أفراد جمعية مهنية . وتعرف بأنها بيان المعايير المثالية لمهنة من المهن تتبناه جماعة مهنية أو مؤسسة لتوجيه أعضائها لتحمل مسؤولياتهم المهنية. ولكل مهنة أخلاقيات و آداب عامة حددتها القوانين واللوائح الخاصة بها، ويقصد بآداب وأخلاقيات المهنة مجموعة من القواعد والأصول المتعارف عليها عند أصحاب المهنة الواحدة ، بحيث تكون مراعاتها محافظة على المهنة وشرفها.

لكل مهنة قوانينها الاخلاقية الخاصة والتي تحدد سلوك موظفيها وتضع خارطة طريق للعمل فيها وفقا للقواعد والسلوك التي تضبط في ميثاق شرف او قانون المهنة الذي يكون الاساس في التعامل والمرجع الاساسي في عمل المهنة بالنسبة للعاملين،

ووفقا لهذه المعايير والأعراف تفتقد مهنة الاعلام في العالم لهذه المواثيق والقوانين المهنية التي يحاول المشرعون الاعلاميون التواصل اليها وخاصة بظل التطور المطرد للإعلام والتواصل الاجتماعي في زمن الثورة التكنولوجية والمعلوماتية والذي عكست نفسها ايجابيا على العمل الاعلامي بنمو وظهور الاعلام الالكتروني في كافة المجتمعات والتي فرضتها مفاهيم العولمة والخدمات السريعة للانترنت. عندها بدأ الاعلاميون والمؤسسات الاعلامية الكبيرة التفكير الجاد بالوصول الى قواعد مهنية حديثة تحدد عمل وأخلاقيات المهنة بعد ان اصبح من المستحيل التحكم بضوابطه في زمن السرعة وتوافر المعلومات والحصول عليها من جراء توفر الشبكة العنكبوبتية ووسائل الاتصال الحديثة . فالتشريعات والقواعد بالأساس تعتمد على تعريفات قديمة لم تغب يوما عن الوسائل الاعلامية الكلاسيكية لتكون الاخلاق والآداب والضمير والرقابة الذاتية اساس تصرفات الاعلامي والمؤسسات الاعلامية نفسها. ومن هنا تكمن اهمية البحث والوصول الى قواعد تحددها سلوكية وأخلاقية عالمية ترسم طبيعة مسلك الاعلامي في ممارسة المهنة وهذه القوانين ربما تكون سيف ذو حدين تحمي الاعلامي من الوقوع في اخطاء المهنة التي يدفع ثمنها غاليا ، وكذلك حماية الحرية الشخصية للناس من استخدامها كمادة للنشر من قبل الاعلاميين،

فنحن الأن فى احتاج أكثر من أي وقت مضى للمؤسسة الإعلامية تتمتع  بميثاق شرف اعلامى  وهي كذلك مسئولة على تكوين صحفييها ونشر ثقافة المسؤولية والأخلاق واحترام المهنة والمجتمع والحقيقة. وهنا يجب التأكيد على أن المواثيق لا تكفي، فعلى الصحفي أن يؤمن برسالته في المجتمع والمسؤولية الملقاة على عاتقه كما من واجبه أن يعمل على تكوين نفسه وترقية أدائه وصقل مواهبه ومتابعة آخر التطورات في المهنة محليا وإقليميا ودوليا.

من جهة أخرى لا نستطيع أن نتكلم عن أخلاقيات المهنة دون المهنية وعندما نتكلم عن المهنية فهذا يعني التكوين الجامعي والتخصص والاشتراك في الجمعيات المهنية والنقابات وكذلك التعليم المستمر. فالمهنية تعني احترام المهنة والدفاع عنها وبذلك احترام اخلاقياتها ومبادئها. مع الأسف الشديد يعاني الإعلام العربي من غياب جمعيات مهنية قوية تعمل على حماية المهنة من المتطفلين وتطوير أداء الصحفيين من خلال التعليم المستمر والدورات التدريبية، حيث نلاحظ غياب المجالس الصحفية وجمعيات الناشرين ومجالس القراء وانعدام دور المجتمع المدني. وهنا يجب الإشارة إلى العلاقة الوثيقة بين أخلاقيات الصحافة وحرية الصحافة وحرية الفرد في المجتمع والفصل بين السلطات.

الإعلام دون أخلاقيات لا يستطيع أن يقدم الشيء الكثير في المجتمع وبدلا من أن يكون في خدمة الحقيقة والمصلحة العامة نجده في موقع لا يُحسد عليه، تتقاذفه أمواج المال والسياسة على حساب الرسالة النبيلة لمهنة شريفة. التحديات كبيرة ما يتوجب تكاثف جهود الجميع -المؤسسة الإعلامية، الصحفيون- النقابات والجمعيات الصحفية- المجالس الإعلامية –سلطات الضبط- المجتمع المدني- لحماية المهنة والقائمين عليها والجمهور من سطو وتكالب قوى عديدة في المجتمع تعمل جاهدة لتوظيف الإعلام لتحقيق مصالحها مستعملة كل الطرق والوسائل من تلاعب وتضليل وتزييف وتشويه وتعتيم.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *