الرئيسية ثقافة الشيخ رأفت حمزة من علماء الأزهر الشريف يكتب …. أخطار تهدد الأسرة

الشيخ رأفت حمزة من علماء الأزهر الشريف يكتب …. أخطار تهدد الأسرة

moda 1815
الشيخ رأفت حمزة من علماء الأزهر الشريف يكتب …. أخطار تهدد الأسرة
واتساب ماسنجر تلجرام
متابعة منال محمد الغراز
“رصـــــــد الـــــوطــــن”

الحمد لله الذي خلقنا في أحسن تقويم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين: أما بعد:
الحديث عن الأسرة له أهميته فهي حجر الزاوية في بناء المجتمع والقاعدة التي يقوم عليها بناء الأم
لقد كانت الأسرة في حياة السلف الصالح تمثل أهم عناصر النبوغ وزرع الهمة العالية منذ نعومة أظفارهم
وهل يمكن لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أن يقوم بواجبه في تجديد الدين ويتهيأ له لولا البيئة الصالحة والأسرة الكريمة التي وجهته إلى المعالي وبذرت الهمة العالية في قلبه منذ الطفولة.؟
لهذا عني الاسلام ببناء الأسرة وأحكامها من بدء الخطبة إلى عقد الزواج وبين واجبات الزوجين والأبناء والأقربين شرع النفقات والطلاق والميراث وأحاط الأسرة بالرعاية والحماية وأمن لها الاستقرار والمودة
خطب المغيرة بن شعبة امرأة فقال النبي أُنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما أي أجدر أن تتآلفها وتجتمعا
وتتفقا لحفظ الأسرة
وبين الإسلام أسباب الألفة ووسائل حسن المعاشرة شيد صرح المحبة بين أفرادها بتأسيس حقوق معلومة حذر الإسلام من هدم الأسرة وحث على تماسكها ونفر من زعزعة أركانها
واذا اشتدت الأزمات شرع الطلاق في أجواء هادئة بمعزل عن أحوال الغضب الهوجاء.
واعتبر ايقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة سلوكاً طائشاً ولعبا بكتاب الله عز وجل.
إن الكيان الأسري ليس امرأة فقط وليس رجلا أيضا إنما هو كيان متكامل للمرأة وظيفة أنثوية وللرجل وظيفته المكملة ولو تعاضدا وتشاورا وأدى كل منهما رسالته في التربية والبناء لما أصيب السواد الأعظم من الأسر بالخور والفشل والضعف والهلاك.
وإنك لتحزن لذلك التدفق الهائل من السموم عبر الفضائيات لمسخ الأسرة المسلمة وهدم نظامها بالدعوة إلى تحرير المرأة والتمرد على قوامة الرجل ورفض بل نزع الحجاب والنكوص على الأعقاب بتزيين العري والاختلاط ومحاربة القيم ناهيك عن الدعوة إلى تأخير الزواج حيث يصورونه أغلالا وقيودا تكبل الحرية وتحجز عن الانطلاق ثم لوثوا العقول وأفسدوا القلوب بعلاقات مشينة سموها صداقة وزمالة ومخادنة
ومما يؤسف له أن هذه الأسر المغزوة من قبل أعدائها، مهددة من قبل أصحابها المسؤولين عنها.
حين تنشأ الأسرة على قاعدة هشة من الجهل بمقاصد الزواج السامية والحقوق الشرعية المتبادلة وفن التعامل بحيث يكون الزوجان لم يهيأ ويتهيأ لتحمل مسؤولية الحياة وتبعاتها وجد العيش وتكاليفه فيكون السقوط السريع والمريع عند أول عقبة في دروب الحياة ذلك أنهم يظنون أنها حياة تمتع دائم لا ينقطع وسرور لا ينغص وبهجة لا تنطفى، مع أحلام وردية وأمانٍ ساحرة.
لهذا نرى هذا السيل الجارف المحزن من حالات الطلاق بلا أسباب مقنعة أو خلافات جوهرية بل تذهل لسماع قذائف من ألفاظ تحمل في طياتها طلاقاً بائنا لا تراعى فيه ضوابط الشرع وهكذا يكسر هذا الكيان الصغير الجميل والبيت الذي كانت تظلله سحائب المحبة والوئام يكسر بمعاول الجهل والغرور والمكابرة والعناد وهوج التفكير
وما أفظعها من خاتمة مروعة موجعة، هي قرة عين الشيطان فعن جابر عن النبي قال إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئاً قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه
والشيطان حين يفلح في فك روابط الأسرة لا يهدم بيتاً واحدا ولا يضع شراً محدودا إنما يوقع الأمة جمعاء في شر بعيد المدى، ذلك أن الأمة التي يقوم بناؤها على لبنات ضعيفة من أُسر مخلخلة وأفراد مشردين وأبناء يتامى لن تحقق نصرا ولن تبلغ عزا بل تتداعى عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعة الطعام.
أيها الأزواج:
إن شراب الحياة الهنيئة قد يتخلله رشفات مرة والحياة الأسرية لا تخلو من مكدرات ومتاعب ثم لا تلبث أن تنقشع. غيومها وتتذلل عقباتها ويذوب جليدها بالصبر والحكمة وضبط النفس والفطنة فمن من البشر لا يخطىء؟
من من الناس بلا عيوب؟ ومن منهم لا يغضب أو يجهل؟.
وما أعقل وأحكم أبا الدرداء وهو يخاطب زوجته: ( إذا رأيتني غاضباً فرضيني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب ).
ومن الأخطار المحيطة بالأسرة تأرجح مفهوم القوامة بين الإفراط والتفريط فهي عند فريق من الناس قسوة من الزوج تنتشر في أرجاء الدار وعواصف من الرهبة والفزع وعبوس لا استعطاف معه ولا حوار في جو قهري يتمثل في التنفيذ دون مناقشة ولا تردد وهي عند فريق آخر تتمثل في ميوعة يفقد البيت فيها قوامة الرجل وفي فوضى مروعة في إدارة شؤون الأسرة.
والأدهى أن يكون رب الأسرة حاضرا جسدا مفقودا تربية وقيادة فتشق سفينة الأسرة طريقها في الحياة فتتمايل بها الأهواء وتتجاذبها العواصف دون أن يكون لها قائد يضبط حركتها وقيم يوجه سيرها.
لقد سلم دفة قيادة الأسرة لجلساء وأصدقاء قد تكون أحوالهم مجهولة ولتلك الشاشة الفضية التي تغرس بفضائيتها مباديء الرذيلة والانحراف وتهدم أخلاق الأسرة وقيمها الإسلامية.
وقد تتشرب الأسرة مع الزمن تلك المبادىء الهزيلة ثم لا تلبث أن تسير في ركابها فتحاكيها فكراً وتسايرها خلقاً وتقلدها لباساً فتكون العاقبة ندماً والثمرة مكروهاً.
أين رب الأسرة؟ أين قائدها؟ إنه في الصباح يكد في عمله وفي الظهيرة مستلقٍ على فراشه ثم ينطلق مساء في لهو أو دنيا ولا يعود إلا مهدود الفكر، وبهذا يفقد القدرة على تربية وأصبحت بعض البيوت محطة استراحة للزوجين أما الأبناء فعلاقتهم بالآباء علاقة حسن الجوار.
إن واجب رب الأسرة أن يغرس في نفوس أفراد أسرته الدين والمثل السامية وأن ينمي فيهم حب الله وحب رسوله وحتى يكون الله ورسولُه أحب إليهم مما سواهما ينمي فيهم مخافة الله والرغبة فيما عنده من ثواب.
اللهم ظلل على بيوت الموحدين الأمن والإيمان والمحبة والإخلاص.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *