الرئيسية أخبار اللا سلم ..واللا حرب بين الخرس الزوجي والطلاق العاطفي

اللا سلم ..واللا حرب بين الخرس الزوجي والطلاق العاطفي

moda 1350
اللا سلم ..واللا حرب بين الخرس الزوجي والطلاق العاطفي
واتساب ماسنجر تلجرام

كتب / أحمد القاضي

بداية: ما هو معنى الطلاق العاطفي أو الخرس الزوجي أو الطلاق الصامت أو الفتور الزوجي.. كلها مُسميات لنفس المشكلة التي تواجهها بيوتا عِده في مُجتماعتنا العربية على وجه التحديد، إن هذه الظاهرة ليست نادرة الوجود بل هي ظاهرة منتشرة وبشكل مُثير للشجن وللإهتمام، حينما تنطفأ مشاعر المودة والرحمة بين كلا الطرفين ويفقد أحدهما أو كلاهما الإحساس بالآخر ويكأنه ليس موجوداَ في حياته من الأساس، ولا يظهر أبداً على شاشات راداره الوجداني على الرُغم من وجوده الحسي حوله.
في هذه المرحلة تكثر الحواجز النفسية بين الزوجين واذا ما اضطروا إلى التعامل في مواقف قليلة فإن هذا التعامل يأخذ صفة البرود أو الحدة أو الجدية التي تقترب من التعامل الرسمي وليس التعامل الودي أو التلقائي المفترض أن يكون عليه التعامل بين الزوجين في المنزل فيتحول الإتصال بينهم من إتصال إنساني إلى إتصال بيولوجي ويخلو كلا الزوجين بنفسه أو ينغمس في أداء الأنشطة دون إحتكاك بالآخر وتتملك الأنانية زمام الأمور وتتحكم الواقعية المطلقة في مجريات الحياة. تستمر العلاقة الزوجية أمام الناس فقط، لكنها مُنقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين.
هذا النوع من الطلاق ينقصه فقط الإعلان والتوثيق في الأوراق الرسمية، فهو زواج مُنتهي الصلاحية، علاقة زوجية قد تكون ماتت وفي إنتظار إستخراج شهادة الوفاة.
إنها ظاهراً حياة وأما باطنها فالجحيم عينه؛ لأنها تُولد مشاعر الإحباط والحزن فضلاً عن الفراغ العاطفي، وكل ذلك يتصل اتصالاً وثيقاً على المدى البعيد بحالات الاكتئاب والقلق والاضطرابات في الصحة النفسية والجسمية على حد سواء.

مراحل الطلاق العاطفي:

1) مرحلة الخلافات المستمرة: وفيها تسود خلافات متكررة ومستمرة بين الطرفين حول غالب تفاصيل حياتهما أو علاقاتهما وطريقة تربية الأبناء أو أي شئ آخر، ويفشل الزوجان في إيجاد أي مساحة مشتركة بينهما للتفاهم، أو الوصول لحد أدنى من الإتفاق. وهذه مرحلة صاخبة تشهد نزاعات ومشاجرات واستخدام عنف نفسي أو جسدي أو لفظي.
2) مرحلة الألم: حيث يصبح أي تواصل أو احتكاك مؤلم والكلمات جارحة أو ناقدة أو مستهزئة، وتكون هناك محاولات للإيذاء المتبادل بشكل مباشر أو غير مباشر.
3) مرحلة المرارة: وهي تراكم للألم وتراكم للجراح وتراكم للخبرات السلبية والذكريات السيئة تكاد تخنق أحد الشريكين أو كليهما
4) مرحلة الرغبة في الإنتقام: فتساور الطرف المقهور أو المظلوم رغبة عارمة في الإنتقام، ومشاعر غضب وعدوانية تنتظر الفرصة للتحقق، وأمنيات أو تخيلات بأن يصيب الطرف الآخر أذى أو يمرض أو حتى يموت أو يختفي من الحياة بأي شكل.
5) مرحلة اليأس: حيث لا يبدو في الأفق أي بادرة أمل لانصلاح الأحوال لدى الطرفين أو على الأقل لدى الطرف المظلوم أو المقهور.
6) مرحلة الإجهاد النفسي: وفيها يشعر الطرف المتضرر أنه لم يعد قادرا حتى على الشكوى أو التذمر، وأنه فقد القدرة على فعل أي شئ، وأنه فقط يحتاج لأن يرتاح في مكان هادئ بعيدا عن كل البشر، يريد حالة من السكون أو الصمت المطلق.
7) مرحلة الإحتراق: وفيها تحترق كل المشاعر الإيجابية والسلبية بينهما، وبالتالي يفقد كل طرف إحساسه بالآخر تماما وكأنه لم يعد موجودا معه أو حوله، وأنه مجرد خيال يراه من وقت لآخر.

علامات الطلاق العاطفي الصامت:
• وجود حالة من الصمت بين الزوجين، حيث يفشل كلاهما أو أحدهما في كسرها أو اختراقها بأي حال من الاحوال.
• الانسحاب بشكل جزئي أو كامل من فراش الزوجية.
• عدم وجود اهتمامات مشتركة أو أهداف مشتركة يجتمع عليها الزوجان فكل منهما له عالمه الخاص به.
• الهروب من المنزل باللجوء للخروج والسهر والسفر بالنسبة للزوج أو تكرار زيارات الزوجة لأقاربها وصديقاتها، والهروب داخل المنزل، الهروب حتى من مواجهة الآخر في طُرقات المنزل والانشغال بالموبايل واللاب توب وغيره عن التواصل مع شريك الحياة.
• وجود حالة من اللامبالاة والسخرية والاستهزاء باهتمامات الآخر ومشاعره وطريقة حديثه وشكل ملابسه، بل تصل إلى حد عدم الإكتراث بأية محاولة لكسر جمود العلاقة ومنحها قدراً من الدفء.
• الشعور بأن استمرار تلك الحياة الزوجية من أجل الأولاد فقط أو من الخوف من خوض تجربة الطلاق وحمل لقب مُطلق أو مطلقة أمام أعين الناس، وخوف المطلقة من المحاذير والقيود التي ستفرض عليها آن وقع الطلاق الرسمي.
• عدم وجود إحساس بالفقد أو الوحشة عند بُعد الزوجين عن بعضهما البعض، أو قربهما بعد البعد، بل أحيانا يسود لدى الزوجين حالة من الراحة عند إبتعادهما عن بعضهما البعض.
عند وجود هذه الأعراض فيمكننا أن نقول أن الطلاق العاطفي واقع مرير تعيشه هذه الأسرة، ولابد من سرعة تداركه حتى لا تتسع الفجوة ويواجه الزوجان مشكلة الانفصال الكامل أو الطلاق الفعلي.

العبارة الاشهر “لقد بذلت ما في وسعي” فأغلب المشكلات تنتج من شعور الزوج أو الزوجة بأنه قدم كل شيء بينما لم يقدم الطرف الآخر أي شيء، وهذا يوقعه دائماً في الشعور باليأس وبأنه دائما هو الضحية، وأن الطرف الآخر ظالم ومتعدي، ولكن علينا أولاً الإعتراف بالجوانب الإيجابية لدى الطرف الآخر مع استخدام اسلوب راق في توجيه النقد للآخر دون تجريح.

ان الخاسر الاكبر من تلك العلاقة المريضة هم الأبناء، إذ تتمزق زهرة طفولتهما بأشواك هذا الداء العضال الذي يغرس أنيابه ومخالبه في جسد أسرتهم فيحيلها إلى أسرة قاتلة لسعادتهم مصادرة لاحلامهم وهم في مقتبل عمرهم.

علاج الطلاق العاطفي

نخلص مما سبق بأن الطلاق العاطفي يعد الحلقة الأخيرة في مسلسل الحياة الزوجية الغير سوية وهي النهاية الحتمية التي ستؤول اليه في حال عدم معالجته، وأما إذا ما عولج بالشكل الصحيح فإن هناك أملاً بعودة الحياة الزوجية إلى مسارها الطبيعي، ومن أهم تلك النصائح التي تنفع في علاج الطلاق العاطفي:

أولاً: اعتراف الزوجين بوجود مشكلة حقيقية تهدد حياتهما الزوجية والاتفاق على ضرورة تكاتفهما وبذل كل ما في وسعهما من جهود من أجل القضاء عليها لتستعيد حياتهما الزوجية كامل صحتها وتمام جمالها.
ثانياً: العمل على تأصيل سمة الصراحة والوضوح في التعامل بين الزوجين ليتمكن كل منهما من فهم الآخر وفهم مشاعره بالشكل الصحيح، والتعرف على احتياجاته وأفكاره ومشاكله ومخاوفه التي تساعد كثيراً على فهم الآخر وتعميق العلاقة بينهما وتقويتها.
ثالثاً: اعتماد لغة الحوار والتفاهم بين الزوجين والابتعاد عن الاتهام والتجريح والحرص على الخروج من الحوار بثمرة مفيدة تتمثل في الحل الذي يرتضيه الطرفان.
رابعاً: تقدير كل من الزوجين الأعمال التي يقدمها الآخر وشكره عليها مهما كانت بسيطة، والإهتمام بإيجابياته ومدحه عليها والامتنان منه لغرض تعزيزها.
خامساً : احترام الطرف الآخر وتجنب فعل أو قول كل ما يشعره بالإهانة مهما بدا ذلك بسيطاً. وإشعاره بأهميته البالغة في حياة شريكه وجعله من أولوياته ومنحه الاهتمام اللازم.
سادساً: الاهتمام بالعلاقة الخاصة بين الزوجين والإقلاع عن إشعار الطرف الآخر بأنها مجرد تأدية واجب.
سابعاً: مشاركة كل طرف هوايات واهتمامات الطرف الآخر.
ثامناً: اعتماد اللطف والرقة في الأقوال والأفعال مع الطرف الآخر لجذب وده ومحبته.
تاسعاً: أكثر ما يجمد العلاقات هو الروتين اليومي فمن المفيد إدخال أمور جديدة في الحياة الزوجية لكسر هذا الروتين من قبيل القيام بنزهات أسبوعية أو زيارة الأماكن التي كانا يزورانها معاً في أيام الخطوبة وبداية الزواج لإستذكار تلك الذكريات الجميلة.‏
عاشراً: على كل من الطرفين أن يحاول تقبُّل الطرف الآخر وغض الطرف عما قد يشتمل عليه من عيوب، وتذكُّر أننا لسنا بمعصومين ومن الطبيعي أن تصدر منا بعض الأخطاء، ومن لا يغفر لصاحبه اليوم خطأه كيف يتوقع منه أن يغفر له أخطاءه لاحقاً؟

إذن فالطلاق العاطفي على الرغم من أعراضه الأليمة وآثاره الوخيمة إلا أنه بالإمكان معالجته إذا ما توفرت النية الصادقة لدى الزوجين وعزما على القضاء عليه وإعادة الحيوية والنشاط إلى علاقتهما الزوجية من جديد.

أجسادٌ تتظاهر بالقوة وهي تتآكل من الباطن يوماً بعد يوم، ولِمَ لا؟ وهل يمكن للإنسان أن يعيش جسداً بلا روح؟ وقلباً بلا عاطفة؟ وحياةً بلا مشاعر؟.. ثم كيف لتلك الأرواح المنهكة أن تُمِدّ فلذات أكبادها بالدفء والأمان وتغمره بالحب والحنان؟!

إن الطلاق العاطفي لا تقل آثاره السلبية عن الطلاق الفعلي، بل قد تكون أشد في أحيان كثيرة، فأما بالنسبة للزوجين فهو ينتزع من قلبيهما الحب والود ويجردهما من الإهتمام ببعضهما، وأي حياةٍ هي تلك التي تخلو من الحب وتتجرد من الإهتمام؟

أخيرا رسالة للأعزاء طرفي العلاقة:
 اعزائي الرجال: استوصوا بالنساء خيراً فقد خُلقن من أجلكم.. فانت مالك القوامة وملك الغابة
 عزيزتي المرأة وشطر المجتمع: كوني له أمه يكن لك عبداً، فأشدُّ ما تكونين له إعظامًا؛ أشدُّ ما يكون لكِ إكرامًا
 رفقا بنفسكما، رفقا بأبناؤكما، رفقا بأرحامكما..

نقل بتصرف في بعض اجزائها..
الشكر لحتمية الامانية العلمية لكلا من:
د. محمد المهدى استشارى الطب النفسى
موقع النفسي مرجعك المعتمد
الجمعة, أبريل 17, 2015 –

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *