الرئيسية سياسة قصة جميلة بوحيرد: ضحكت بشدة بعد صدور حكم الإعدام ضدها فخرج القاضي عن شعوره

قصة جميلة بوحيرد: ضحكت بشدة بعد صدور حكم الإعدام ضدها فخرج القاضي عن شعوره

moda 1769
قصة جميلة بوحيرد: ضحكت بشدة بعد صدور حكم الإعدام ضدها فخرج القاضي عن شعوره
واتساب ماسنجر تلجرام
الصورة 1

الصورة 1

كتب — شاذلى محمد منصور :

وكأن التاريخ لم يملأ صفحاته من تفاصيل حياة المشاهير التى أثرت بالسلب أو الإيجاب فى حياة الشعوب، فقرر أن تضم صفحاته تفاصيل محاكماتهم، كلا وحسب ما واجهه، منذ محاكمة الفيلسوف الإغريقى سقراط، أول من أعدم في التاريخ، حتى محاكمات الملوك العرب، الذين أطاحت بهم شعوبهم، خلال موجة الربيع العربى.

ويرصد القصة في حلقات متواصلة خلال شهر رمضان، نماذج من تلك المحاكمات، التي وردت فى كتاب «أشهر المحاكمات فى التاريخ»، والذى حاول مؤلفه محمد عبدالجواد، نقل صورة حية من عصور مختلفة لأناس رفعتهم الشهرة إلى عنان السماء، قبل أن تطيح بهم إلى قبور يكسوها التراب.
محاكمة «جميلة بوحيرد»
«أيها السادة، إنني أعلم أنكم ستحكمون علي بالإعدام، لأن أولئك الذين تخدمونهم يتشرفون لرؤية الدماء، ومع ذلك فأنا بريئة، ولقد استندتم في محاولتكم إدانتى إلى أقوال فتاه مريضة رفضتم عرضها على طبيب الأمراض العقلية بسبب مفهوم، وإلى محضر تحقيق وضعه البوليس ورجال المظلات وأخفيتم أصله الحقيقى إلى اليوم، والحقيقة إنني أحب بلدي وأريد له الحرية، ولهذا أويد كفاح جبهة التحرير الوطنى، أنكم ستحكمون علي بالإعدام لهذا السبب وحده بعد أن عذبتموني، ولهذا السبب قتلتم أخواتي بن مهيرى وبومنجل وأضور، ولكنكم إذا تقتلونا لا تنسوا أنكم بهذا تقتلون تقاليد الحرية الفرنسية، ولا تنسوا أنكم بهذا تلطخون شرف بلادكم وتعرضون مستقبلها للخطر، ولا تنسوا أنكم لن تنجحو أبداً في منع الجزائر من الحصول على استقلالها».
كانت هذه كلمات جميلة بو حيرد في المحكمة، عندما انطلقت فجأة في الضحك بقوة وعصبية بعد علمها بحكم بالإعدام، ما آثار دهشه القاضي فصرخ قائلاً: «لا تضحكي فى موقف الجد».

وقد خرجت صرخة جميلة من قاعة المحكمة إلى أرجاء العالم، فقد ثار العالم من أجلها، ولم تكن الدول العربية وحدها هي التي شاركت فى إبعاد هذا المصير المؤلم عن جميلة، فقد انهالت على «داج همرشولد»، السكرتير العام للأمم المتحدة فى ذلك الوقت، البطاقات من كل أنحاء العالم تقول: «انقذ جميلة».

وكان من نتائج الضغط الكبير الذى مارسه الرأى العام العالمى تأييداً للبطلة جميلة بوحيرد، أثر حاسم في إجبار الفرنسيين علي تأجيل تنفيذ الحكم بإعدامها، ونقلت إلى سجن ريمس فى عام 1958.
وقد تعمدوا إخفاء موعد إعدامها عن الاعلام، وتواطأت معهم وكالات الأبناء الاستعمارية، لكن إرادة الله كانت الأقوى فوق إرادة الاستعمار، ولم يتم إعدام جميلة بوحيرد، كما حكمت المحكمة.

جميلة بوحيرد واحدة من الآلاف المناضلين العرب، يتمثل دورها النضالي في كونها حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير الجزائرية، ومندوب القيادة في المدينة «ياسيف السعدي»، وقد أعلن عن طريق المنشورات الفرنسية في المدينة عن مكافأة تقدر بمبلغ مائة الف فرنك ثمنا لرأسه.

وذات يوم عندما كانت جميلة متوجهة لـ«ياسيف السعدي» برسالة جديدة، شعرت أن أحدًا يراقبها؟ فحاولت الهروب، غير أن جنود الاحتلال طاردوها وأطلقوا عليها الرصاصات التي استقرت إحداها في كتفها الايسر، لكنها حاولت الاستمرار في الهرب وفشلت.
أفاقت جميلة في المستشفى العسكري، حيث كانت محاولة الاستجواب الأولى لإجبارها على الإفصاح عن مكان «ياسيف السعدى»، لكنها تمسكت بموقفها، فأدخلها جنود الاحتلال في نوبة تعذيب استمرت سبعة عشر يومًا متواصلة، تعرضت خلالها إلى مختلف أنواع العذاب، وصلت إلى حد أن أوصل جنود الاحتلال التيار الكهربائى بجسدها، فلا يسطيع جسدها النحيل تحمل اللوان العذاب، فأصيبت بنزيف استمر خمسة عشر يوماً، لكن جميلة ابنة الثانية والعشرين كانت أقوى من كل محاولات معذبيها.
وقد تم تأجل تنفيذ الحكم، ثم عُدّل إلى السجن مدى الحياة، وبعد تحرير الجزائر، خرجت جميلة من السجن، وتزوجت محاميها الفرنسي بعد أن أشهر إسلامه في ذاك الوقت.

تولت جميلة رئاسة اتحاد المرأة الجزائري بعد الاستقلال، لكنها اضطرت للنضال في سبيل كل قرار وإجراء تتخذه بسبب خلافها مع الرئيس آنذاك، أحمد بن بلة، وقبل مرور عامين قررت أنها لم تعد قادرة على احتمال المزيد، فاستقالت وتركت الساحة السياسية.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *