الرئيسية مقالات الكتاب مجدى سليمان يكتب : القدوة الحسنة …. إلى أين ؟!

مجدى سليمان يكتب : القدوة الحسنة …. إلى أين ؟!

fatakat 2623
مجدى سليمان يكتب : القدوة الحسنة …. إلى أين ؟!
واتساب ماسنجر تلجرام

تشتد حاجة المسلمين اليوم إلى مثل أعلى يقتدون به ويقتفون أثره ويحذون حذوه وذلك بسبب ضعف فهم الناس للدين وقلة تطبيقهم لهم، ولغلبة الأهواء وإيثار المصالح العاجلة مع قلة العلماء العاملين والدعاة الصادقين، فنحن في هذه المرحلة من الزمن وقد بدت آثار الصحوة الحقة تبهت في مجتمعنا المسلم، قد تضاعفت حاجة المسلمين في مختلف أوساطهم وطبقاتهم إلى قدوات وريادات تكون أنموذجاً واقعياً ومثالاً حياً يرون الناس فيهم معاني الدين الصحيح علماً وعملاً، قولاً وفعلاً، فيقبلون عليهم وينجذبون إليهم؛ لأنَّ التأثير بالأفعال والأحوال أبلغ وأشدّ من التأثير بالكلام وحده، وقد قيل: شاهد الحال أقوى من شاهد المقال.

 

أقول ايها السادة إن مفاهيم “القدوة” .. “الرموز الشخصية” .. “المثل الأعلى” جميعها مفاهيم يمكن أن تسهم في بناء الفرد أو تدميره، وتبدو تلك المفاهيم ذات أهمية وتأثير قوي، خاصة في المجتمعات التي لا تزال في طور النمو والتطور، كيف يمكن لمفهوم القدوة أو المثل الأعلى أن يكون مدمّرًا وخطرًا على الفرد والجماعة؟

قد يكمن الجواب في طبيعة المجتمعات، والطبيعة البشرية التي فُطر عليها الإنسان، في علم النفس اعتقادٌ بأن العقل الجمعي هو دومًا أقلُّ تحضرًا من العقل الفردي؛ لأن الجماعة حين تجتمع تهيمن عليها الصفات المشتركة، ولأن التميز يتمثل في القلة دومًا؛ فالصفات المشتركة لا تمثل غير التدني في الفِكر والرقي، وكذلك السطحية، لا ريب إذًا أن الحُكم الذي أصدره العقل الجمعي كان السبب في الخلط والتشويش الذي أصاب الأمم السابقة، وأن العقل الفردي الذي ميَّز بعض أفراد تلك الأمم كان السبب وراء تنبههم لرسالات الرسل، واهتدائهم بهم، ولعل حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه بين قريش قبل الإسلام يُعَد مثالاً على ذلك.

تحدثت آيات القرآن الكريم والروايات الواردة عن أهل البيت حول القدوة وأهميتها ودورها ومن جملة ذلك:

 

قال الله تعالى : ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه‏﴾ .

 

أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بالاقتداء بالأنبياء السابقين. والآية الشريفة تجعل منهاج الأنبياء العظام قدوة ترافقها الهداية لا بل هي من لوازمها غير المنفكة. يقول صاحب تفسير الأمثل: “تؤكد هذه الآية مرة أخرى على أن أصول الدعوة التي قام بها الأنبياء واحدة، بالرغم من وجود بعض الاختلافات الخاصة والخصائص اللازمة التي تقتضيها الحاجة في كل زمان ومكان، وكل دين تال يكون أكمل من الدين السابق… ولكن ما المقصود من أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يهتدي أولئك الأنبياء. يقول بعض المفسرين إن المقصود قد يكون هو الصبر وقوة التحمل والثبات في مواجهة المشاكل ويقول بعض آخر انه التوحيد وإبلاغ الرسالة ولكن يبدو أن للهداية معنى واسعاً يشمل التوحيد وسائر الأصول العقائدية كما يشمل الصبر…”

وحث الله سبحانه الأمة على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وصحبه وسلم، قال: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ في‏ رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيراًً﴾ .

 

يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره: ” والمعنى من حكم رسالة الرسول وإيمانكم به أن تتأسوا به في قوله وفعله وانتم تروون ما يقاسيه في جنب الله وحضوره في القتال وجهاده في الله حق جهاده…”5 وقال صاحب تفسير الأمثل : ” فإن النبي صلى الله عليه وصحبه وسلم خير نموذج لكم ، لا في هذا المجال وحسب ، بل وفي كل مجالات الحياة

 كما حث الله تعالى الناس على الاقتداء بالأنبياء والرسل وطلب إتباعهم: ﴿ قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في‏ إِبْراهيمَ والَّذينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّه‏ .

 

وهناك العديد من الآيات الشريفة التي تحدثت عن الاقتداء بالأنبياء والرسل والمؤمنين لما يشكلون من قيمة في حياتهم سواء على مستوى السلوك أو الفكر . فإذا كان هدف الأنبياء هداية البشر فإنهم سيؤدون هذا الدور بسلوكهم وأفكارهم إذ ينبغي أن يكون وجودهم وسيلة للهداية.

 

وقد تناولت العديد من الروايات مسألة القدوة لناحية أهميتها ودورها,  عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: ” من سنّ سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شئ”

 وروى عنه صلى الله عليه وصحبه  وسلم انه قال أيضا: ” في القلوب نور لا يضيء إلا من إتباع الحق وقصد السبيل وهو نور من المرسلين الأنبياء مودع في قلوب المؤمنينًً “

أما عن الصفات التى لا بد من توافرها فى القدوة الصالحة فهى كثيرة جدا فنذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الكرم والرحمة وأداء الأمانة ووفاء الوعد والقناعة والعفة والرضا بالقليل، وغير ذلك من الأخلاق والصفات التي تجسدت في قدوتنا وأسوتنا النبي الكريم الأكرم سيد الخلق وقدوتهم بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *