الرئيسية مقالات الكتاب رؤية موضوعية…..لبرامج “التوك شو” و المذيع النجم وقواعد العمل الإعلامي

رؤية موضوعية…..لبرامج “التوك شو” و المذيع النجم وقواعد العمل الإعلامي

moda 2834
رؤية موضوعية…..لبرامج “التوك شو” و المذيع النجم وقواعد العمل الإعلامي
واتساب ماسنجر تلجرام
 بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
” رصـــــــد الـــوطن”

كان من المعتاد القول إن البرامج الحوارية في مصر كالأشجار الاستوائية التي تنمو في الأجواء الحارة فقط، منذ اندلاع احتجاجات شعبية حاشدة أطاحت في يناير 2011 بالرئيس الأسبق حسني مبارك.

ويبدو أن هذه المقولة أثبتت صحتها مع مرور الوقت. فمنذ ذلك الحين تشهد نسب مشاهدة البرامج الأشهر في مصر تراجعا حادا وبات نجومها موضع انتقاد مستمر على مواقع التواصل الاجتماعي،وبعدما كان المصريون ينتظرون بفارغ الصبر إعلاميين اعتادوا على متابعة برامجهم طوال الوقت، باتوا اليوم يقضون أوقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في التهكم على إعلاميين يقولون إنهم فقدوا مصداقيتهم وأصبحت نسب مشاهدة برامجهم أحيانا لا تذكر.

لكن لا يبدو أن هذه الظاهرة منحصرة فقط في مصر، إذ شهدت نسبة مشاهدة البرامج الحوارية في قنوات عربية وعالمية أيضا تراجعا ملحوظا.

ولم تعد برامج حوارية شهيرة كبرنامج “أمبامبور” الذي تقدمه الإعلامية الشهيرة كرستيان أمبامبور يحظى بنفس درجة المتابعة التي لطالما استحوذ عليها في السابق، وهو ما دفع إدارة قناة سي آن آن الأميركية إلى تقليص وقت عرض البرنامج اليومي. وأضطر لاري كينغ أحد أهم مقدمي البرامج الحوارية في الولايات المتحدة إلى الانتقال للعمل في قناة “آر تي” المملوكة للحكومة الروسية بعد التراجع الكبير الذي شهده جمهور البرامج الحوارية هناك.

فانتشار ظاهرة العمل على صناعة “المذيع النجم”، والتوسع في أعداد وساعات البرامج الحوارية “التوك شو”، بات يعطي مفاعيل عكسية تساهم في انتهاك قواعد العمل الإعلامي وأهدافه، وخلق بلبلة في أوساط الرأي العام.

تتسابق القنوات الفضائيات العربية الخاصة على اجتذاب أكبر عدد من المشاهدين من خلال التركيز على اجتذاب واحد أو أكثر من المصنفين في خانة من يصطلح على تسميتهم بـ”المذيع النجم”، لتقديم برامج حوارية “توك شو” تبث عادة في ساعات الذروة من حيث نسب المشاهدة، ما بين الثامنة والحادية عشرة مساء، وليس من قبيل المبالغة أن بعض القنوات تعتبر أن برنامج “مذيعها النجم” أهم وجبة إعلامية تقدمها لجمهور متابعيها.

على سبيل المثال لا الحصر، في مصر وحدها تقدر عدد ساعات برامج “التوك شو” المسائية على القنوات المصرية أكثر من 30 ساعة وسطياً، ويمكن في مناسبات خاصة أن تتضاعف المدة، وهناك 13 محطات فضائية تبث برامج من هذا النوع، يشارك فيها أكثر من عشرين مذيعاً ومذيعة، وتتنافس عشرة برامج على جذب اهتمام المشاهدين. وتأتي القنوات الفضائية اللبنانية في المرتبة الثانية بعد القنوات المصرية لجهة عدد برامج “التوك شو”.

قبل تقييم ظاهرة صناعة “المذيع النجم” وما يقدم في البرامج التي يفترض أن تكون حوارية، لابد من الإشارة إلى أن هذه الظاهرة ليست جديدة، وأن العديد من البرامج وصلت في مراحل معينة إلى نسب متابعة كبيرة جداً، لكنها ما لبثت أن انحدرت إلى أن اندثرت تلك البرامج، وانطفأت نجومية من كانوا يقدمونها. ويلاحظ عودة الاهتمام بها واتساع نطاقها خلال السنوات الخمس الماضية، على ضوء الاستقطاب السياسي والمجتمعي الحاد في البلدان العربية. الملاحظة الثانية أكثرية البرامج الحوارية أو “التوك شو” لا تنطبق عليها التعريف المعجمي الإعلامي لهذا الصنف من البرامج، الذي يفترض أن يكون “عبارة عن حوار بين مذيع وضيف أو أكثر حول مواضيع محددة، وان تناقش بحيادية”، بينما في برامج “التوك شو” التي تعرض على معظم الفضائيات المصرية والعربية  يغلب طابع الصوت الواحد، ويحاول المذيع أن يكون مهيمناً على البرنامج والحوار مع الضيوف، وأن يظهر نفسه في قالب قائد سياسي.

تجمع غالبية الخبراء الإعلاميين في مصر أن عام 2015  حفل بسقطات كثيرة وكبيرة لـ“نجوم التوك شو”، بتجاوز القيم والمبادئ المهنية، والاعتداء على الخصوصية بإثارة فضائح التعرض لها يخدش الحياء، وعدم مراعاة الذوق العام، وتحويل البرامج إلى ساحة للشتائم المتبادلة، ناهيك عن المبالغة والتهويل وعدم المصداقية في كثير من الأحيان. وأدى التنافس المحموم بين الفضائيات على بث برامج “توك شو” إلى اختلاط “الغث مع السمين”، فعدد قليل من البرامج حافظت على مستوى مهني مقبول، بينما العديد منها أصبحت أقرب ما يكون إلى “الصراع “، ساهمت في ترويج معلومات مشوشة، بل وغير صحيحة في كثير من الأحيان، وتفرد بعض البرامج مساحات واسعة لقضايا هامشية وتافهة.

وللحديث باقية ……

 

اقرا المزيد …..

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *