الرئيسية مقالات الكتاب السلطة الرابعة…قيم أخلاقية قبل أن تكون مٌزاولة مهنية

السلطة الرابعة…قيم أخلاقية قبل أن تكون مٌزاولة مهنية

moda 5202
السلطة الرابعة…قيم أخلاقية قبل أن تكون مٌزاولة مهنية
واتساب ماسنجر تلجرام
بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
“رصــــــــد الـــــــــوطـــــــن”

القيم الأخلاقية ليست معادلة رياضية بل مجموعة أحكام عقلية انفعالية توجهنا نحو رغباتنا واتجاهاتنا، يكتسبها الفرد من مجتمعه وبيئته، وتصبح محركا لسلوكه ومقياسا اجتماعيا يحكم مدى ارتباطه وخضوعه لما هو سائد، ودور وسائل الاعلام في الحد من الممارسات غير الاخلاقية. ويتزايد دور الاعلاميين في الحياة العامة ، خاصة في مجال ممارسة عملهم، بل اصبح الاعلامي شخصية عامة من طراز متقدم واصبح الرأي العام يتأثر كثيرا بهم في نواحي عدة، لذا بات من الضروري جدا الحديث عن اخلاقيات المهنة الاعلامية من جديد لان الاعلامي كمهني اصبح ذو تأثيرات مجتمعية بالغة التعقيد، لذا فالحديث عن اخلاقيات المهنة الاعلامية التي اصبحت تشكل ركنا اساسيا لصناعة السلام والابتعاد عن العنف ,في حين كانت الانظار تتجه الى حرب المعلومة من خلال وسائل الاتصال وكما نظر له (آلان توفلر).

باتت الأن حرب الترهيب واقعا من خلال الاعلام، ففي حين كان الاعلامي يتهم بانحيازه سرا الى احدى الاجهزة الاستخبارية السرية ويتستر بإمتيازات المهنة الاعلامية كي يحصل على المعلومة ويكشف الاسرار، بات الان الاعلامي هو سلاح الحرب بكل المعايير يهدف الى موت الناس وانحرافهم ,لا استطيع التحدث عن الانواع والاشكال الكثيرة من طرق ادارة وتسيير تلك الحروب عن طريق الاعلام المدني. لكني اعتقد بانها جميعها تدفع نحو انحلال اخلاقي وفك الارتباط بكافة انواع الأسس الاخلاقية، لا ادري الى اين تتجه الانظار وكيف يكون النمو الفلسفي للقيم الاخلاقية لمهنة الاعلام، لكني سأكون مصرة على ضرورة الدعم بإتجاه التمسك الاعلامي بأخلاقيات مهنة الاعلام بهدف عدم جعل الاعلام اداة من ادوات الحرب القذرة واداة لتجييش الناس نحو العنف وتضليل الحقائق، بل جعل الاعلام اداة التنمية كما تصورها فلسفة انشاءه، كي يستطيع ان يسمو بالعلاقات الانسانية الى مستوى من التواصل والتداخل السامي ينهي حالة التوجس والريبة بين بنو البشر، ويوضح الحقائق و يضافر الجهود لحماية الأرض و تحقيق الرفاه.

وتبقى وسائل الاعلام بكافة اشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة اهمية كبيرة في المجتمعات، خاصة بعد التطورات التقنية والتكنولوجية التي اجتاحت كافة جوانب الحياة العامة بحيث اصبحت وسائل الاعلام كالتلفزيون والراديو والمحطات الفضائية والانترنيت والصحف الالكترونية باختلاف انواعها واتجاهاتها الشغل الشاغل لحياة الناس. لكن ما هو خطير ان امتهان مهنة الصحفي والاعلامي لم يعد صعبا على أي شخص، فكل من يمتلك اداة تصوير او تسجيل، وغالبا ما يجده في هاتفه الجوال، يمكنه ان يرصد حادثة، او يكون جزءاً من صناعة تلك الحادثة، حتى يسرع الى تحميلها الى الشبكة العنكبوتية فتتلقفها الملايين من العيون المتلصصة .وفقا للأسس العلمية تعلمت ضمن ما تعلمت في كلية الاعلام بان اهمية الاعلام بوسائله المتعددة تبرز بالقيام بمجموعة من الوظائف الاساسية التي تضع الاعلامي امام مسؤولية تجاه المجتمع من خلال اتاحة المعلومات وعدم الحاق الضرر بالآخرين. ومن اهم تلك الوظائف وظيفة سياسية، اذ يقوم بإبلاغ المواطنين بكل ما يدور في أوساط الحكومة والهيئات الاخرى من انشطة، حيث تصبح وسائل الاعلام جزءً متداخلاً في العملية السياسية من خلال مراقبة مراكز السلطة على كل المستويات،

لذا سميت بالسلطة الرابعة، وللإعلام ايضا وظيفة تعليمية، اذ يقوم بتقديم التقارير الصادقة ومناقشة مختلف الافكار والآراء والمواقف. ومن وظائفه الاخرى وظيفة التواصلية، اذ يقوم بتقديم المعلومات المرتبطة بالأحداث بحيث يكون الاعلام مرآة تعكس، وبالتالي تتيح رؤية ما يجري من احداث في المجتمع. وللإعلام وظيفة ثقافية أيضا، اذ يقوم بتدعيم القيم والتقاليد والمعايير المثالية للمجتمع. ومن خلال هذه الوظائف الأساسية المقرة تبرز الأسس الاخلاقية للمهنة الاعلامية بشكل عام، نراها تستند على احترام الافكار التي تطرح من الاطراف الاخرى ليحدث توازن طردي بين العاملين والمستهلكين في حقل الاعلام.

هذه الأطر الفلسفية جعلت من الاعلام والاعلامين وخلال ممارستهم لعملهم رسل الدفاع عن الحرية وبل تم قياس الحرية ومدياتها بمقدار تمتع الاعلام بتلك الحرية من عدمه، لكن المرحلة الراهنة قد كشفت محنة كبيرة للإعلام تمثلت في انعدام الرقابة الحكومية وتصادم الرقابات الجماعية واستهدافاتها كمؤسسة اعلامية وكإعلاميين لحرية التعبير، تلبيةً للأسس المنافية للحرية و لما كان سابقيهم من الاعلاميين والمؤسسات الاعلامية يناضلون لأجله، اذ ان محنة الاعلام تتعقد اكثر في ظل خصوصية كبيرة للمهنة النابعة من وظيفتها اذ تختلف عن باقي المهن الاخرى كونها تخاطب العقول في مختلف مستوياتها وتؤدي مهنة الاعلام خدمة إجتماعية وتربوية كبيرة كونها تتضمن شروط وخصائص عديدة متفق عليها من قبل الباحثين والدارسين في هذا المجال فهي تؤدي اهداف إجتماعية من خلال اشباع حاجات المجتمعات، وتستمد شرعية وجودها من احساس الناس بضرورة القيام بنشاط معين من شأنه ان يسهم في اشباع تلك الحاجات، وهي تستند بذلك على الاسلوب العلمي والتقني ومواكبة التطورات في ثورة المعلومات والاتصالات.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *