الرئيسية مقالات الكتاب القيم والمفاهيم الإنسانية من صلب الاجتماع الإنسانى

القيم والمفاهيم الإنسانية من صلب الاجتماع الإنسانى

moda 5938
القيم والمفاهيم الإنسانية من صلب الاجتماع الإنسانى
واتساب ماسنجر تلجرام
بقلم / الباحثة ميادة عبدالعال
“رصـــــد الــــــوطــــــــــن”

القيم والمفاهيم الإنسانية والأخلاقية، هي من المساحات الهامة المشتركة بين الإنسانية بل هي من صلب الاجتماع الإنساني.. بمعنى أن غياب هذه المفاهيم والقيم على مستوى الواقع، يحول الوجود البشري إلى غابة مليئة بالوحوش والتجاوزات , ان الكثير من المشاكل والأزمات التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية سواء على صعيدها الداخلي أو على صعيد علاقاتها مع المجتمعات الأخرى، هي من جراء غياب العدالة وأنظمتها ومتطلباتها في نظام العلاقة على المستويين الداخلي والخارجي. والفصام بين النظر والعمل، بين القول والفعل فاقم من هذه الازمات والمشكلات. فلا احد على المستوى النظري والتجريدي يكره العدل او يتخذ من لوازمه موقفا سلبيا، ولكن على المستوى الواقعي والفعلي تمارس كل الاعمال والممارسات المناقضة لهذه القيمة.

وبفعل هذا الفصام والازدواجية لم نتمكن كشعوب عربية واسلامية من الانعتاق من اسر التخلف والانحطاط، ولم نتمكن من تجاوز المحن الكبرى التي تواجهنا. وذلك لأن التقدم والقدرة على تجاوز المحن، بحاجة إلى طاقة تدمج بين النظر والعمل وتجعل الإيمان معطى عمليا، مفعما بالحيوية والفعالية..

وعلى هذا فإن المجتمع بكل شرائحه وفئاته، يتحمل مسؤولية كبرى تجاه توطيد حقائق التسامح في المحيط الاجتماعي، وذلك لأن سيادة القيم المناقضة للتسامح، تهدد استقرار المجتمع ووحدته وكل مكاسبه التاريخية والراهنة.. لذلك فإن توطيد حقائق التسامح في المحيط الاجتماعي، هو في حقيقته دفاع عن راهن المجتمع ومستقبله.

من هنا فإن هذه المسؤولية، مسؤولية عامة وتستوعب جميع الشرائح والفئات. حيث تسعى كل شريحة من موقعها وعلاقاتها أن تجذر مستوى التفاهم والتعارف بين أبناء المجتمع الواحد،إن الاختلاف هو من الأمور الطبيعية في حياة الإنسان عبر التاريخ، وحقيقة انسانية عميقة لا يمكن نكرانها. وهنا نصل إلى مربط الفرس، حيث ان الوحدة لا تعني غياب الاختلافات لأنها من جبلة البشر. ولعلنا نرتكب خطيئة تاريخية كبرى، حينما نساوي بين الوحدة والتوحيد,وإن التحليل العميق لمسار الوحدة في المجتمعات الإنسانية، يوصلنا إلى قناعة أساسية ألا وهي: أن التسامح والقبول القانوني والاجتماعي بتعدد الآراء والأفكار والتعبيرات، هو الذي يقود إلى تراكم تقاليد الألفة والاتحاد، وتجاوز الأحقاد في المجتمعات الإنسانية.. فالتسامح تجاه القناعات والأفكار والآراء، لا يقود إلى الفوضى والتشتت.

ومن هنا يأتى بلورة المسؤولية الاجتماعية تجاه قيم التسامح والتضامن ونبذ الكراهية,التسامح كحقيقة اجتماعية، لا يمكن أن تتجسد بدون تطوير الثقافة المجتمعية التي تحتضن كل معالم وحقائق هذه القيمة. وبالتالي فإن المسؤولية الاجتماعية الأولى، هي العمل على تطوير ثقافة الحرية والتواصل وحقوق الإنسان ونبذ العنف والإقصاء والمفاصلة الشعورية بين أبناء المجتمع الواحد. فلكي يبنى التسامح الاجتماعي وتسود علاقات المحبة والألفة وحسن الظن صفوف المجتمع، نحن بحاجة أن نعلي من شأن الثقافة والمعرفة القادرة على استيعاب الجميع بتنوعاتهم واختلافاتهم الاجتماعية والفكرية.

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *