الرئيسية أخبار ما غلبني غير جاهل

ما غلبني غير جاهل

moda 1737
ما غلبني غير جاهل
واتساب ماسنجر تلجرام

 

 

كتب / أحمد القاضي

“لكل داءٍ دواءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ…إلاّ الحماقَةَ أَعيتْ من يُداويها”

“ما جادلت عالماً إلا وغلبته وما جادلت جاهلاً إلا وغلبنى”.. وإن إجتمع الجهل مع سوء الخلق، فأعلم أن سئ الخلق يأبى إلا أن تدنو لمستواه” الإمام الشافعي

إن من الصعوبة ما كان أن يُرسل القدر في طريقك جاهلاً لديه من القناعة ما يكفيه بأن يرى رأيهُ دائماً هو الأرجح وأن منطِقهُ هو الأحق بأن يُفرض على جميع من حوله إجباراً وقصراً، فليس هناك ثمة تشابُه حقيقي بين “الجاهل والأُمي” فالفارق بينهما كبير يقيناً، حيث أن الأُمي من اليسير أن تُقنعه بالحقيقة وأن تبرهن له بالواقع ما يستطيع أن يُغير به فِكره للأصوب بالبينة وبالدلائل كما أن عقلُه من المتاح أن يمتلئ بالعلم والنور كما كان في سيرة بعض الأثر مِمن لم يتلقوا تعليماً كافياً في صغرهم فثقفوا أنفسهم وتحولوا لأُدباء لاحقاً، بينما الجاهل المتعجرف فإنه لدرب من الخيال بل ومن المستحيل غالباً أن تتفتح ثنايا عقله لتغيير فِكره ومُعتقداته وتجده لديه من العند والإصرار ما يكفي لإنهيار أمماً بأكملها.

إن الحماقة داءٌ قد يصيب شريحة أو شرائح من المجتمع، فهو لا يُميز بين غنيٍ أو فقير، متعلمٍ أو جاهل، صغيرٍ أم كبير، والجهل مطية من ركبه وسلك مسلكه فقد ضل جادة الطريق كما أن من أسوأ مصائب الجهل أن يجهل الجاهل أنه جاهل. ودواء الأحمق فقط هو الابتعاد عنه وتجنبه، وتعد صفة الغرور صفة مُلازمة له وما يتصف به جراء سلوكه الأحمق المشين.

وبما أن العلم درجات، فالجهل أيضاً درجات، فهناك الجهل البسيط؛ وفيه يتم فهم موضوع ما دون معرفة التفاصيل المحيطة به. ويوجد الجهل الكامل؛ وهو عدم معرفة أى شىء عن موضوع ما. ويوجد الجهل المركب، وفيه يتم فهم الموضوع بشكل مخالف للحقيقة. ويبقى النوع الأخطر من كل ما سبق هو «الجهل اللذيذ» الذى يحبه الكثيرون فى بلادنا، فيرفضون النصيحة من أى شخص، حتى لو كانت نصيحة من كلمة واحدة ويسيرون في نفس الدرب دون إكتراث لما سيكون وما ستؤول إليه النهاية.

من يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، والحكمة هي ضد الحماقة، إن من أعظم الأدواء التي يبتلى بها المرء في هذه الحياة داء الحمق؛ فالحمق شر كله، والأحمق عدو نفسه، لما يسبب لنفسه من الضرر ولمن حوله أحيانا، وهو كاسد العقل والرأي لا يحسن شيئًا.

 

والنقاش مع الجاهل يستنفذ كل الطاقات ويهدر كل الملكات في محاولات يائسة للاقناع بل وتجد الجاهل يستمتع بالكر والفر مع من يحاجيه دون كلل ولا ملل وذلك يذكرنا بمثل إنجليزي شهير “لا تُصارع خنزيراً في الوحل.. فتتسخ أنت.. ويستمتع هو” فالابتعاد حينها يكون القرار الأصوب والملاذ الأءمن وذلك تأسياً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحقا” والمراء هنا يعني الجدال الذي لا طائل من وراؤه. فالانسحاب هنا ليس هروباً من المواجهة ولا ضعفاً للحُجة ولكن التسابق مع الحمير أحياناً غير مُبرر ولا داعي لإبراز قُدراتك في غير موضِعها أو بالأحري لا تُبرز عضلاتك الفكرية أمام جاهل فيهزمك بجهله !

قيل أن عنترة بن شداد هرب من ثور هائج، فسألوه أين شجاعتك؟ أتخاف من ثور وأنت عنترة؟! فقال لهم: وما يدري الثور أني عنترة؟!

الحوار الذي يهدف للوصول إلى الحقيقة, تسهل إدارته، وليس فيه غالب ومغلوب.

أما الجدال الذي يراد منه الغَلبة والأنا والسيطرة، فالمعضلة فيه مع (الجاهل) أصعب بكثير من المشكلة مع (العالم).

لأن العاقل يخفض صوته ويركز تفكيره ويصغي والجاهل يلوح بقبضته ويرتفع صوته ظنا منه بقوة حُجته ورزانة منطقه فلا يطفيء مصباح العلم سوى عواصف الجهل.

 

الناس أربعة: رجل يدري ويدري أنه يدري، فذاك عالم فخذوا عنه، ورجل يدري وهو لا يدري أنه يدري، فذاك ناسٍ فذكروه، ورجل لا يدري وهو يدري أنه لا يدري فذاك طالبٌ فعلموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذاك أحمق فأرفضوه”

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *