الرئيسية أخبار نظرية “القاضي”.. هرم الإحتياجات غَير المنطقية

نظرية “القاضي”.. هرم الإحتياجات غَير المنطقية

moda 3024
نظرية “القاضي”.. هرم الإحتياجات غَير المنطقية
واتساب ماسنجر تلجرام

كتب / أحمد القاضي

تفرد العالم ابراهام ماسلو بنظريّته الفلسفيّة “هرم الاحتياجات الإنسانية” التي قام بوضعها في أربعينيات القرن الماضي والتي تتحدث عن ترتيب الأولويات الإنسانية للفرد، وهي نظرية تتمثل في هرم مُدرج بخمس درجات تبدأ من قاعدة الهرم التي وضع فيها الاحتياجات الأساسية اللازمة لبقاء الإنسان على قيد الحياة ثم تتدرج في سلم يعكس مدى أهمية تلك الاحتياجات حتى نصل لقمة الهرم تِباعاً.

أشار “ماسلو” بأن الإنسان يعيش في حاجة دائمة يحركها الدافع لتحقيق الأهداف ومن ثم الإرتقاء والإنتقال لأعلى، هذه الحاجة تؤثر بالطبع على مُجمل سُلوكياته وإن لم يتم إشباعها تسبب آلاماً نفسية وإحباطاً، ووجود الدافع يعني بقاء الاستمرارية في تحقيق الهدف تلو الهدف وهو المعيار الذي يُقاس به طموح الإنسان ويُفرق بين الطَموح والغير طَموح.

تحقيق المكانة الإجتماعيّة المرموقة والمنصب الرفيع يُكسب الفرد الإحساس بالثقة والقوة بالإضافة إلى كسب إحترام الآخرين

وخلال الهرم يتضح أن الحاجة لتحقيق الذات هى على رأس سُلم الأولويات الأساسية وهي الحاجة في أن تشعر بقيمتك.. بقيمة نجاحك 

وعلى نفس القياس ومع بالغ تقديري للنظرية الفلسفية للعالم الشهير- أود ان أقدم لكم بعض خيوط سيكولوجية لنظرية عنكبوتية متضاربة الافكار ولكنها مفصلة وموضحة بنظرية الاحتياجات العَشر التالية:

  1. الحاجة للبكاء..

قد يظُن البعض أن البُكاء مُجرد علامة من علامات الضعف، لكنه في الحقيقة من أفضل الطُرق والوسائل للترويح عن النفس وإعادة بناء المشاعر وتبديلها من الغضب والإحباط إلى عواطف أكثر هُدوءاً وإتزاناً، البعض يقول إنه يشعُر بالراحة والهدوء حينما يبكي كما لو كان هذا الفعل في حد ذاته وسيلة للتنفيس عما تتحمله أساريرنا المشحونة بالكبت والإجهاد النفسي.

علينا بضرورة إختيار مكان مُناسب لا نجد فيه حرجاً من ترك العنان لأنفسنا في حال شَعُرنا بالرغبة في البُكاء، فهو يعد في هذه الحالة ضرورة علاجية وليست رفاهية.

عزيزي..إبكي وان كان البكاء علاجاً للنفوس، إبكي وصيح بكلماتٍ ليست في القاموس.

إبكي ولو كنت ترهق من حولك ببكائك، إبكي فلن يشعر بألامك إلا الذباب والناموس.

  1. الحاجة للقلق..

في بعض أوقات حياتنا يكون لدينا سعادة بأن أحدهم يشعر بالقلق من غيابنا، وفي أحيانٍ أخرى نستشعر بالعظمة بأن بعضهم يشعر بالقلق من وجودنا، هي نشوة لذيذة تنتابُنا في كِلتا الحالتين تُشبع فينا رغبات إنسانية طبيعية، وعلى الرغم من أن “القلق” هو تضاد لفظي ومعني للـ “الطمأنينية” ولكننا قد نشعر بتلك السعادة المفرطة حينما نتعايش مع هذين الإحساسين المتضادين. فمهما كانت حاجة الناس للشمس فهي تَغيب كُل يوم دون أن يبكي لفِراقها أحد لأنّهم يعلمون أنّها ستعود في اليوم التالي. لكننا وإن إشتدت قُدرتها الضوئية والحرارية فلن يتقبل أحد وجودها وسيبحث عن مأوى ومخبأ ليحتمي به من سُخونة حرارتها وشِدة إضاءتها بل وسيتمنى زوالها.

  1. الحاجة للعُزلة..

الصمت هو العلم الأصعب من علم الكلام، يصعب أحياناً تفسيره وهو أفضل جواب لبعض التساؤلات، وقيلَ قديماً أنّ الصمت إجابة رائعة لا يتقنها الآخرون، هل يمكن لأحد أن يشعر بالبهجة باختيار الصمت بدلًا من الحوار؟ هل من الممكن لإنسان ألا يقوم بمشاركة مشاعره، وطعامه وسريره مع أحد ويستمتع بحياته؟ منفردا بمفردة؟

من يستمتع بالإنعزال عن الناس يعرف عادةً نفسه بشكل أفضل. إلى جانب أنه يتفهم مخاوف وقلق من حوله من الناس جيدًا.

كما أنه لا يمكنك سماع أفكارك وصوتك بدون العزلة.
هنا نتذكر الرواية الأشهر لرائد الواقعية السحرية في أدب أمريكا اللاتينية جابرييل جارثيا ماركيز “مئة عام من العُزلة”.

  1. الحاجة للإنتقام..

إنّ الإنسان الذي يملك القلب الطيب الجميل لا يعرف الحقد ولا الإنتقام بالمعنى اللفظي وهو يسامح بسهولة على الرغم من كلّ ما يشعر به من تعب وإرهاق، وكل ما يمر به من عذاب ومعاناة، فتجد الإبتسامة تملأ وجهه دائما كما أنّ القلب له ميّزة جميلة متفردة إذ إنّه لا يتّصف بصفة سيئة ولا يسمح للسواد أن يعشّش حوله فيلوّث نقاءه، ولا أن يخطف البسمة التي تظهر على وجهه رغم الألم، ذلك السواد الذي يريد أن يسرق من القلب إشراقه ونوره، عفواً أيّها السواد قِف عندك وإبتعد قليلاً وعُد إلى الوراء.. لن تأخذ مني طيبة قلبي لأنّي إنساناً مِن الصعب أن تهزّه الريح مهما كلّفه الأمر.

هذا هو المعني الحقيقي للإنتقام ممن يريدون لنا السقوط في مٌستقعات الشر والإيذاء وهو آفه هذا الزمان.

  1. الحاجة للألم..

إذا أنهَكَكَ الألم .. فخذ من حنايا قلبك المُتعب والمثقل بالكروب واليأس نبضة حبّ ونظرة تأمّل لمستقبل مشرق تنثرها على أنحاء جسدك المتلاطم بالتفاهات التي أقنعت عقلك بها، واعلم أنّ لكلّ شيء حدّ ونهاية وأنّ الحياة وإن قست فإنّها لك ولغيرك فخذ مِنها ما لَكَ ودَع ماليس لك لغيرك. واعلم أنّ لكلّ شي حدّ ونهاية، فإنّك لا تدري إلى أيّ مصير أنت ذاهب، فالأمور على ما يرام في النهاية، فإن لم تكن كذلك، فاعلم أنّها ليست النهاية.

حين لا يكون من نصيبنا شيء إخترناه، وبكل صدق أحببناه، فإنه سيكون من نصيبنا شيء أجمل لا نعرفه.. شيءٌ اختاره الله لنا، وطَبَع حبه في قلوبنا.

فمرحباً بالآلام إن كانت ستكون نقطة إنطلاقة، فإسفل فُوهة الصاروخ تشتعل النيران وقُبيل إنطلاقة تحترق أكبر كميات من الوقود لتقدم له طاقة تدفعه للأمام، فلنستخدم الآلام كي تدفعنا للأمام ولنستعين بالإحتراق ليمكننا من الإختراق.

  1. الحاجة للصدمة..

من الطبيعي أن نعيش أزمات، فهي جزء من حياة الإنسان؛ حتى وإن كانت مؤلمة وتُشعرنا وكأننا نفقد السيطرة على حياتنا. ويمكن أن تؤدي ردود أفعالنا إزاء الأزمات إلى اعتلال نفسي في بعض الحالات ولكن قدرتنا على مواجهة الصدمات والأزمات هي المحك الرئيسي والإختبار الفعلي لكامل قُدراتنا ومَلكاتنا على الإستمرار رغم قَسوة الحياة، كما أن إصرارنا على مواجهة الشدائد يبني ثقتنا بنفسنا وقدرتنا على الصمود بشكل أفضل.

لا تيأس إذا تعثرت أقدامك وسقطتَ في حفرة واسعة.. فسوف تخرچ منها وأنت أكثر تماسكاً وقوة.

إذا كان الأمس قد ضاع.. فبين يديك اليوم وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل.. فلديك الغد، فلا تحزن على الأمس فهو لن يعود ولا تأسف على اليوم فهو راحل.. وأحلم بشمس مضيئة تسطع لك في غد جميل.

  1. الحاجة للرقص..

هل حقا اجسادنا وعقولنا في حاجة للرقص؟

حتماً نعم.. ولكن كي يفهم مدلول الرقص من المقال فهو ليس ما قد يتبادر للأذهان بأنه نمط الرقص الشرقي الخليع او الغربي المرتبك السريع

ولكن المقصود منه هو الهروب خارج حدود الجسد وقيود العقل حيث أن الرقص يساعد في التقليل من حدّة التوتر والضغوط النفسية المتراكمة والمرهقة للعقل، كما انه يعطي إحساساً عالياً بالسعادة والثقة، ويطوّر من مهارات الشخص في الإتصال والتواصل الفعال مع جسمه، فيحسّن من مزاجه ونفسيته، تماماً كما يحدث مع راقصي البالية ولاعبي الرياضات التي تتطلب مجهوداً ذهنياً وعصبياً في آن واحد.

إن رقصاً حلالاً منفرداً خفيفاً بسيطاً أفضل كثيراً من الرقص على جِراح الآخرين أو الرقص على جُثث الفقراء وأنقاض المعذبين، وهو أيضاً أرقى من رقصٌ على سُلم فلا رآنا من هم بالأعلى ولا سمعنا من هم بالاسفل.

  1. الحاجة للإختلاف..

أشد الألم وجعاً: حزنٌ لا تستطيع الإفصاح عن أسبابه وتكتفي بقول: أشعر بضيق ولا اعلم لمَ؟ رغم أنك تعلم يقيناً ما السبب لكنه لا يُحكى ولا يُبكى فـثَمّة حروبٌ تخرج منها لا مُنتصرًا ولا مَهزومًا، لا تعرف ما ربحتَ منها أو ما فقدتَ فيها لَكنكَ تُدرك جيدًا أنَ شيئًا ما إنطفأ ومات بداخلك..

اجعل قاعدتك الذهبية في كل علاقاتك: “كُن الطرف الذي يُقدِّم كل شيء حتى ولو كان الطرف الآخر لا يقدِّره أو لا يستحقه، بالغ بإحسانك، إجعل الشخص يستنفذ كل فُرصه معك. بحيث إذا اتخذت قراراً بالإبتعاد ستكون طيّب النفس، مُطمئن البال بأنَّك لم تظلم ولم تبخس أحد حقً”

كُن مُختلفا عن الآخرين ولو في حاجة واحدة، كُن مُخالفا لهواك مُطيعا لرب سماك.

  1. الحاجة للغباء..

في بعض الأحيان نحتاج إلى أن نُشعر من حولنا بأننا على قدر مقبول من “الغباء” فنُشعرهم بأننا لا نفهم شيئاً وليس لدينا الرغبة في إدارك ما يدور حولنا، هو فن لا يتقنه إلا الأذكياء وحدهم ومن لم يتقن فن التغابي سيخسر الكثير وأولهم عافيته.
في كل مرحلة من مراحل حياتنا تتغير علاقاتنا وأفكارنا وقناعاتنا، ما نحب وما لا نحب، تتغير اهتماماتنا.. حتى طريقة تصفيف شعرنا واختيار ملابسنا.. حتى نوعية طعامنا.. ودرجة ارتباطنا بمن حولنا. أمام كل تلك التغييرات فلا مفر من أن تكون غبياً لدرجة من الذكاء تسمح لك بالتعامل بسهولة ويُسر مع كل تلك التغييرات، فلنتحمل وخزات الآخرين حتى نُعيد التوازن إلى حياتنا ..إذا أردت أن تعيش سعيداً.. فلا تُفسر كل شيء .ولا تُدقق بكل شيء، ولا تُحلل كل شيء. تغافل مرة وتغابى مرتان فإن الذين حلّلوا الألماس وجدوه فحماً.

لكن إنتبه متي تتجاهل ومتي تتغابى ومتى تتفاعل ‏”فالتجاهل وقت الغضب ذكاء. والتجاهل وقت المصاعب إصرار. والتجاهل وقت الإساءة تعقّل. والتجاهل وقت النصيحة البناءة تكبُر”

  1. الحاجة للطمع..

ان الطمع كماء البحر كلما زدت منه شُرباً زدت منه عطشاً، ولكن الطمع الذي نحن بصدده هو الطمع المحمود، طمع الإنسان فى أعمال الخير فالمؤمن لا يشبع من فعل الخير قط.  طمع الانسان فى غفران الله عز وجل، الطمع بدخول الجنة والنجاة من النار، الطمع في نيل رضا الوالدين ودعائهم، الطمع في النجاح والصلاح وترك ذكرى طيبة خالدة.

إن الحياة سعادة وإنتصار مؤقتان، وما هي إلا لحظات قليلة تمُرُّ حتى تهاجمنا رغبة مُلحة في الوصول إلى الهدف التالي. تحوَّلت حياتنا إلى سباق متواصل مع رغباتنا، نجري فيه وراء هدف متحرك يستحيل إدراكه .!لم تَعُد غايتنا الشيء الذي نشتهيه، لكن الشعور الذي يسيطر علينا عندما نستحوذ على المزيد والمزيد ولن ينتهي حتى نواري الثرى.

ولنتذكّر أنّ البذرة الصغيرة تعلم أنّها لكي تكبر يجب أن تُدفن في الوحل فتغطى بأكملها في ظلام لتكافح حتى تنمو وتصل إلى الضوء.

“تنتهي حياتُنا عندما نفقد قُدراتنا على تحقيق إحتياجاتنا”

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *